دعوة رسمية من بوتين للرئيس جوزاف عون للمشاركة في القمة الروسية – العربية في موسكو

كتب: هاني سليم

في خطوة تعكس أهمية تنامي العلاقات الروسية – العربية في المرحلة الراهنة، تسلّم رئيس الجمهورية اللبنانية، العماد جوزاف عون، رسالة خطية من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، نقلها إليه سفير روسيا الاتحادية في لبنان، ألكسندر روداكوف، خلال لقاء رسمي عُقد في القصر الجمهوري. وتضمنت الرسالة دعوة رسمية من الكرملين إلى الرئيس عون للمشاركة في أعمال القمة الروسية – العربية الأولى، التي ستستضيفها العاصمة موسكو في الخامس عشر من تشرين الأول (أكتوبر) المقبل.
وتأتي هذه القمة المرتقبة في ظل تحوّلات إقليمية ودولية متسارعة، وسط سعي موسكو إلى تعزيز شراكاتها الاستراتيجية مع الدول العربية في مختلف الميادين، من السياسة والاقتصاد إلى مجالات التعاون العلمي والتكنولوجي والثقافي والإنساني. ومن المتوقّع أن تُشكّل القمة منصّة رفيعة المستوى للحوار وتنسيق المواقف إزاء عدد من الملفات الدولية والإقليمية الساخنة، إلى جانب استكشاف آفاق جديدة للتعاون المشترك في ميادين الاستثمار والتجارة والطاقة والتكنولوجيا والبحث العلمي.
وتحمل دعوة الرئيس عون للمشاركة في هذه القمة دلالات مهمّة في سياق العلاقات اللبنانية – الروسية، إذ تعكس اهتمام موسكو بتعزيز تواصلها مع بيروت في مرحلة دقيقة تمرّ بها البلاد على الصعيدين الداخلي والإقليمي. كما تعبّر عن رغبة روسية واضحة في إشراك لبنان، بوصفه أحد المكونات الأساسية في الخارطة العربية، في رسم ملامح التعاون العربي – الروسي المستقبلي.
وبحسب مصادر دبلوماسية، فإن القمة ستشهد مشاركة قادة وزعماء من مختلف الدول العربية، وتُعدّ الأولى من نوعها على هذا المستوى بين روسيا والدول العربية، ما يعكس التوجّه الروسي المتزايد نحو تفعيل حضوره في الشرق الأوسط من بوابة الشراكة وليس التنافس، خصوصًا في ظل ما تشهده الساحة الدولية من تغيّرات في موازين القوى ومفاهيم التحالفات.
وتُراهن موسكو على هذه القمة لتكون نقطة انطلاق نحو مرحلة جديدة من الانفتاح المتبادل مع العالم العربي، مدفوعةً برغبتها في تنويع تحالفاتها الخارجية، وتوسيع رقعة نفوذها الاقتصادي والثقافي، خصوصًا في الدول التي تربطها بها علاقات تاريخية أو تعاون متبادل في مجالات الطاقة والتعليم والدفاع.
من جهته، أعرب السفير روداكوف خلال لقائه الرئيس عون عن تطلع القيادة الروسية إلى مشاركة لبنانية فاعلة في أعمال القمة، مشيرًا إلى أنّ جدول أعمالها سيشمل ملفات حيوية تمثّل اهتمامًا مشتركًا، وأنها ستوفر فرصة لتبادل الرؤى وتكريس الشراكات الاستراتيجية على أسس من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
يُشار إلى أن الدعوة الروسية تأتي أيضًا في سياق استمرار موسكو في تفعيل دبلوماسيتها المتعددة الأطراف، بما ينسجم مع رؤيتها لعالم متعدد الأقطاب، ويعكس جهودها لإقامة توازنات جديدة بعيدًا عن النفوذ الغربي التقليدي، ولا سيّما في منطقة الشرق الأوسط التي لا تزال تلعب دورًا محوريًا في معادلات الأمن والاقتصاد العالميين.
وتُعدّ مشاركة لبنان في هذه القمة، في حال تأكيدها، فرصة ثمينة لإعادة تنشيط العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع روسيا من جهة، ومع الدول العربية من جهة أخرى، خصوصًا في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية التي يواجهها لبنان، والحاجة الملحة إلى فتح آفاق جديدة للتعاون الإقليمي والدولي.