وزير الداخلية يعلن انطلاق الاستعدادات للانتخابات البلدية والاختيارية في بيروت والبقاع وبعلبك-الهرمل

بيروت – في خطوة تمهيدية هامة على طريق الاستحقاق الديمقراطي المرتقب، وقّع وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال، أحمد الحجار، سلسلة من القرارات الإدارية التي تتعلق بدعوة الهيئات الانتخابية في عدد من المحافظات اللبنانية إلى المشاركة في انتخابات المجالس البلدية والمجالس الاختيارية، بالإضافة إلى انتخاب المختارين. وتشمل هذه القرارات مناطق بيروت، البقاع، وبعلبك-الهرمل، على أن تُجرى العملية الانتخابية بتاريخ الثامن عشر من أيار المقبل، أي بعد نحو شهر من الآن.
كتب: هاني سليم

ويأتي هذا الإعلان في ظل أجواء سياسية دقيقة يعيشها لبنان، وسط تحديات اقتصادية واجتماعية متزايدة، ما يضفي على هذا الاستحقاق طابعاً بالغ الأهمية من حيث إعادة تجديد الحياة المحلية وتعزيز دور البلديات في إدارة الشؤون الخدماتية والإنمائية للمواطنين.
دعوة الهيئات الانتخابية
بموجب القرارات الموقّعة، دُعيت الهيئات الناخبة في محافظات بيروت، البقاع، وبعلبك-الهرمل إلى الاقتراع لاختيار أعضاء المجالس البلدية والمجالس الاختيارية، فضلاً عن المختارين، وذلك وفقاً لما ينص عليه القانون رقم 665 المتعلق بتنظيم الانتخابات البلدية والاختيارية في لبنان. وقد جرى تحديد يوم الأحد الواقع في 18 أيار 2025 موعداً رسمياً لإجراء هذه الانتخابات، وسط تأكيد وزارة الداخلية على جاهزيتها اللوجستية والإدارية لإنجاح العملية الانتخابية.
تحديد أقلام الاقتراع
كما شملت قرارات الوزير الحجار تحديد أقلام الاقتراع التي ستُعتمد في مختلف الأقضية والبلدات ضمن المحافظات الثلاث. وتعمل الوزارة حالياً على التنسيق مع القوى الأمنية والبلديات المعنية لتجهيز المراكز الانتخابية وتوفير كل ما يلزم لتأمين سير العملية الانتخابية بسلاسة، وبما يضمن شفافية الاقتراع وسلامة الناخبين والعاملين في مراكز الاقتراع.
أهمية الاستحقاق البلدي
تُعدّ الانتخابات البلدية من أبرز أوجه المشاركة الشعبية في الحكم المحلي، إذ تمثل فرصة للمواطنين لاختيار ممثليهم الذين سيتولون إدارة شؤونهم اليومية في مجالات حيوية مثل الأشغال العامة، البنية التحتية، النظافة، تنظيم السير، المشاريع التنموية، وغيرها. وتكتسب المجالس البلدية طابعاً تنفيذياً مباشراً، ما يجعل من الانتخابات محطة مفصلية في رسم ملامح السياسات المحلية.
ويولي العديد من اللبنانيين أهمية خاصة لهذا الاستحقاق، لاسيما في المناطق الريفية والنائية التي تعتمد بشكل كبير على أداء المجالس البلدية في تحسين أوضاعها المعيشية والتنموية، في ظل غياب فعّال لمؤسسات الدولة المركزية عن بعض المناطق.
التحضيرات اللوجستية والأمنية
بحسب مصادر مطلعة داخل وزارة الداخلية، فإن الاستعدادات اللوجستية والأمنية تجري على قدم وساق، حيث تعمل الوزارة بالتعاون مع وزارة التربية لتخصيص المدارس كمراكز اقتراع، كما يتم التنسيق مع الأجهزة الأمنية لضمان أمن العملية الانتخابية وحماية مراكز التصويت من أي محاولة لتعكير صفو هذا الاستحقاق.
وفي هذا السياق، ستُطلق الوزارة في الأسابيع المقبلة حملات توعية للمواطنين حول آلية الاقتراع، وشروط الترشح، وأهمية المشاركة الفعّالة في الانتخابات، في محاولة لرفع نسب المشاركة التي تراجعت في الاستحقاقات السابقة نتيجة عوامل عدة، أبرزها الإحباط الشعبي من أداء السلطات، والانقسام السياسي الحاد.
في انتظار إعلان الجداول النهائية
ومن المتوقع أن تُنشر في الأيام القليلة المقبلة الجداول النهائية بأسماء الناخبين المعنيين بالمشاركة في الانتخابات، على أن يُفتح باب الطعن أو الاعتراض وفقاً للآليات القانونية المحددة. كما سيتم لاحقاً الإعلان عن لوائح المرشحين التي ستخوض السباق الانتخابي في مختلف القرى والبلدات.
نظرة إلى المرحلة المقبلة
تأتي هذه الانتخابات في توقيت دقيق يتسم بالجمود السياسي على المستوى الوطني، مع تعثر انتخاب رئيس جديد للجمهورية واستمرار حكومة تصريف الأعمال في إدارة شؤون البلاد. وفي ظل هذا الواقع، يرى مراقبون أن الانتخابات البلدية تشكل بارقة أمل لتجديد بعض أوجه السلطة المحلية، وفتح نافذة لتحسين الخدمات العامة في ظل الانهيار الذي أصاب مؤسسات الدولة المركزية.
وبانتظار اكتمال الترتيبات وبدء العملية الانتخابية فعلياً، تبقى الأنظار متجهة نحو قدرة الدولة على إنجاز هذا الاستحقاق ضمن مهلته الدستورية، في وقت تزداد فيه الدعوات الشعبية إلى توسيع دائرة المشاركة، واختيار كفاءات جديدة قادرة على إحداث فرق حقيقي في الواقع البلدي والاختياري.