سياسة

الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم تزور وزير الخارجية ودعوة لتعديل قانون الانتخاب

في زيارة تعكس عمق العلاقة بين لبنان المقيم ولبنان المنتشر، زار وفد رفيع المستوى من الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم وزير الخارجية والمغتربين الدكتور يوسف رجي، في مكتبه بمقر الوزارة في بيروت، برئاسة رئيس الجامعة روجيه هاني، وضم الأمين العام جورج أبي رعد، ورئيس مجلس الأمناء ميشال الدويهي، وعددًا من المسؤولين المنتدبين من فروع الجامعة في دول الاغتراب المختلفة.

وقد جاءت هذه الزيارة في سياق متّصل بحرص الجامعة الدائم على ربط المغتربين بوطنهم الأم، والدفاع عن حقوقهم المدنية والسياسية، ولا سيّما في ما يتعلّق بملف الانتخابات النيابية، والمشاركة السياسية الكاملة والمتساوية بين اللبنانيين المقيمين في الداخل وأولئك المنتشرين حول العالم.

وفي مستهل اللقاء، توجّه رئيس الجامعة روجيه هاني بالشكر إلى الوزير يوسف رجي، مثنيًا على إدارته “الهادئة والحكيمة” لوزارة الخارجية وشؤون المغتربين، وعلى متابعته الدقيقة لقضايا الانتشار اللبناني، معتبرًا أن الوزير نجح في إعلاء الصوت المغترب داخل الحكومة، وكرّس مبدأ الشراكة الوطنية العابرة للحدود.

وأشار هاني إلى أنّ الجالية اللبنانية المنتشرة، رغم المسافات الجغرافية، ما زالت تحمل هم الوطن وتتمسك بحقها في المساهمة الفعلية في بناء دولته الديمقراطية، ليس فقط من خلال تحويلاتها المالية التي ترفد الاقتصاد الوطني وتساهم في استقراره، بل أيضًا من خلال تطلّعها للمشاركة الفعّالة في صنع القرار السياسي والتشريعي عبر حق الانتخاب الكامل وغير المجتزأ.

وفي هذا الإطار، عرض هاني على الوزير مضمون الكتاب الرسمي الذي وجهته الجامعة إلى أعضاء المجلس النيابي، داعية فيه إلى تعديل المادة 112 من قانون الانتخاب رقم 44/2017، وإلغاء المقاعد الستة المخصصة للاغتراب، معتبرة أنّ هذا التخصيص – رغم حسن نواياه – أدى عمليًا إلى تهميش دور المغتربين بدل تعزيزه، عبر حصر تمثيلهم في دائرة رمزية لا تعكس لا حجمهم الحقيقي ولا تأثيرهم الوطني.

وطالبت الجامعة في كتابها بالسماح للبنانيين غير المقيمين بالاقتراع لـ128 نائبًا في دوائر قيدهم الأصلي في لبنان، إسوة بالمقيمين، كخطوة إصلاحية تعزز العدالة الانتخابية وتكسر التمييز القائم. كما تضمن الكتاب مجموعة من الاقتراحات العملية المستخلصة من تجربتي الانتخابات النيابية في 2018 و2022، أبرزها اقتراح إضافة الأسماء الأجنبية للمرشحين إلى جانب الأسماء العربية في لوائح أقلام الاقتراع في الخارج، تسهيلاً للعملية الانتخابية وتجنبًا للالتباس لدى الناخبين المغتربين.

من جهته، عرض الأمين العام للجامعة جورج أبي رعد الجهود الحثيثة التي بذلتها الجمعيات اللبنانية الاغترابية المرخصة في مختلف دول الانتشار، والتي رفعت عريضة تطالب مجلس الوزراء بإحالة مشروع قانون جديد للانتخابات إلى المجلس النيابي، يتضمن إلغاء المواد المتعلقة بالمقاعد الاغترابية. كما أطلع الوزير على النداء الذي عممته الجامعة على أبناء الجاليات لحثهم على استغلال زياراتهم إلى لبنان خلال الفترة المقبلة للحصول على بطاقات الهوية أو جوازات سفر صالحة، تحضيرًا للمشاركة في الانتخابات النيابية عام 2026.

كما تطرق الوفد إلى مسألة “قانون استعادة الجنسية اللبنانية”، مؤكدًا أن المهلة القانونية لتقديم طلبات استرداد الجنسية تنتهي مع نهاية هذا العام، وهو ما اعتبرته الجامعة انتكاسة محتملة في حال لم يتم تمديد المهلة أو إلغاؤها نهائيًا، مطالبة المعنيين بالتدخل الفوري لفتح المجال أمام كل صاحب حق لاستعادة جنسيته دون قيد زمني.

من جانبه، تحدث رئيس مجلس الأمناء ميشال الدويهي عن تحديات الجالية اللبنانية في أستراليا، لا سيما ما يتعلق بالنقص في عدد موظفي القنصلية في سيدني، لافتًا إلى أن الجامعة والجالية تعملان جنبًا إلى جنب للتعويض عن هذا النقص من خلال مبادرات تطوعية وخدمات مساندة.

في المقابل، عبّر الوزير يوسف رجي عن تقديره العميق لدور الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم، مشيدًا بما وصفه بـ”الوعي النضالي المسؤول” الذي يميز أبناء الجاليات اللبنانية المنتشرة. وأكد أن الوزارة، وبالتعاون مع رئاسة الحكومة، تتابع ملف قانون الانتخابات بكل تفاصيله، معترفًا بالصعوبات التي تعيق تنفيذ المادة 112 بصيغتها الحالية، ما يفرض ضرورة إعادة النظر فيها لتكون أكثر واقعية وعدالة.

كما كشف الوزير أنه تقدم باقتراح رسمي لتخفيض تكلفة إصدار جوازات السفر في السفارات والقنصليات بنسبة 50%، بالإضافة إلى إلغاء الرسوم على شهادات الوفاة والتصديق على الشهادات المدرسية، وذلك في إطار التسهيلات الممنوحة لأبناء الجالية اللبنانية في الخارج، مؤكدًا أن هذه المقترحات بانتظار مصادقة الوزارة المختصة.

وشدد الوزير رجي على أهمية أن يلتزم المغترب اللبناني بتحديث بياناته في سجلات الأحوال الشخصية فور حدوث أي تغيير، لضمان الحفاظ على حقوقه القانونية والمدنية، مطالبًا الجامعة بلعب دور توعوي فاعل في هذا المجال.

وفي ختام اللقاء، جدّد الوفد تأكيده على الدعم المطلق الذي تقدمه الجامعة والانتشار اللبناني لوزير الخارجية في مواقفه الوطنية، وفي جهوده الرامية إلى تعزيز العلاقة بين الدولة اللبنانية والانتشار، والمطالبة بحقوق المغتربين السياسية والإنسانية، بما يجعلهم شركاء فعليين في بناء مستقبل لبنان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى