سياسة

«مؤتمر شباب القوات»… جعجع يعلن نهاية الدولة الصورية وبداية زمن الفرص في لبنان

في مشهد سياسي – شبابي حمل الكثير من الرسائل والرهانات، اختتم حزب القوّات اللبنانية مؤتمره الشبابي تحت عنوان «الشباب في لبنان الغد» الذي نظمته مصلحة الطلاب بالتعاون مع جهاز الشباب والخريجين في المقر العام للحزب في معراب، بمشاركة عدد من الوزراء والنواب والخبراء والنقباء، وحشد من الطلاب والخريجين.
المؤتمر جاء ليؤكد أنّ لبنان يقف أمام مرحلة مفصلية، حيث يشكل الشباب العنصر الحاسم في عملية إعادة بناء الدولة، اقتصاداً وسياسة وثقافةً، بعد عقود من التعطيل والفساد والتراجع.

جعجع: الدولة استعادت قرارها ولن تعود صورية

في كلمته الافتتاحية، دعا رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع الشباب اللبناني إلى الاطمئنان إلى مستقبلهم داخل وطنهم، مؤكداً أنّ الدولة الفعلية انطلقت وأنّ مرحلة الدولة الصورية انتهت بلا رجعة.

وشدد جعجع على أنّ القرار الاستراتيجي عاد إلى مؤسسات الدولة بعدما كان مرهوناً لسنوات خارجها، وهو ما شكّل سبباً رئيسياً في الانهيار والكوارث التي لحقت بلبنان. وأضاف:

«لا يمكن أن تقوم قيامة أي بلد ما لم يكن القرار من داخل مؤسساته. لقد جُرّبت مرحلة التعطيل طويلاً، وكانت نتيجتها الانهيار. واليوم، مع استعادة الدولة قرارها العسكري والأمني، بات ممكناً مواجهة الفساد المستشري كسرطان ينهش في جسد الوطن».

وأوضح أنّ الدولة بدأت تبسط سلطتها على المخيمات في خطوة تاريخية كانت تعطلها قوى الممانعة، وأنّ أي سلاح غير شرعي يجب أن يُسلّم للجيش حتى تعود الدولة قادرة على ممارسة دورها الطبيعي. وأكد أنّ الشباب باتوا قادرين على رسم مستقبلهم داخل لبنان، لا في الخارج، لأنّ الدولة بدأت تستعيد هيبتها ومكانتها.

المحور الأول: السياسة وبناء الذات

افتُتح النقاش السياسي بكلمة النائب غسان حاصباني الذي دعا الشباب إلى الاستثمار في أنفسهم عبر تطوير المهارات والالتزام بالقيم. وأوضح أنّ التحديات كبيرة من بطالة وهجرة وانعدام استقرار سياسي، لكن تجاوزها ممكن بالشفافية، التعلم المستمر، وإتقان التكنولوجيا واللغات.
وأضاف: «روح الفريق وبناء الشبكات الاجتماعية والمهنية ضرورة، لكن الأهم هو الجرأة على الابتكار والمبادرة».

أما الأمين العام للحزب إميل مكرزل فشدد على أنّ الأوطان لا تُبنى بالفردية بل بالعمل الجماعي، مؤكداً أنّ الالتزام الحزبي يمثل مدرسة عملية تمنح الشباب خبرات قيادية وتنظيمية تؤهلهم لصناعة التغيير.

المحور الثاني: التكنولوجيا والجمهورية الرقمية

من جانبه، قدّم وزير الدولة لشؤون التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي كمال شحادة رؤية متكاملة لبناء «الجمهورية الرقمية» التي توازي في أهميتها الجمهورية السياسية. واعتبر أنّ التحوّل الرقمي هو المدخل لاقتصاد منتج حديث يربط لبنان المقيم بلبنان الانتشار.
طرح شحادة خريطة طريق بخمسة مسارات أساسية:

  1. تحديث الأسس القانونية والتنظيمية.
  2. تطوير الخدمات الحكومية الرقمية.
  3. الاستثمار في المهارات اللبنانية.
  4. تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص والجامعات.
  5. توفير التمويل للشركات الناشئة.

وأكد أنّ لبنان غني بكفاءاته، وأنّ الذكاء الاصطناعي سيكون رافعة أساسية لخلق فرص عمل نوعية.

أما الإعلامي الاقتصادي موريس متى فشدد على أنّ التحول الرقمي لم يعد ترفاً بل خياراً حتمياً، داعياً الشباب إلى الانتقال من الاستهلاك إلى الإنتاج عبر ابتكار التطبيقات والحلول. واستشهد بنماذج لبنانية ناجحة مثل Anghami وToters، مؤكداً أنّ الطاقة الشبابية قادرة على إعادة الدور الريادي للبنان في المنطقة إذا ما وُظفت بالشكل الصحيح.

خصص المؤتمر مساحة لعرض نماذج حيّة تشكّل مصدر إلهام. فقد روى رجل الأعمال إدغار طوق تجربة شركته يوريسكو التي انطلقت عام 2010 كمشروع ناشئ صغير، لتتحول بعد 15 عاماً إلى مؤسسة رائدة تضم أكثر من 200 موظف دائم وتنتشر في خمس دول.
وأكد طوق أنّ عوامل النجاح ارتكزت على المثابرة، المرونة، والتعاون بين أعضاء الفريق، لافتاً إلى أنّ الأزمات في لبنان واجهتها الشركة بإرادة جماعية وقدرة على التكيّف.

المحور الرابع: المؤسسات الصغيرة والعمل النقابي

من جانبه، ركّز نقيب الصيادلة جو سلّوم على أهمية الإصلاحات التشريعية وفي مقدمها قانون الوكالة الوطنية للدواء، مشدداً على أنّ حماية صحة المواطن وإعادة ترسيخ موقع لبنان كـ «صيدلية الشرق» يتطلبان مكافحة الأدوية المغشوشة والصيدليات غير الشرعية.

أما الأمين المساعد نبيل أبو جودة فتناول أزمة هجرة الأدمغة المستمرة منذ أكثر من ست سنوات، مؤكداً أنّ الانخراط النقابي والحزبي هو المدخل الفعلي لصناعة القرار الوطني وضمان مستقبل لبنان.

المحور الخامس: الشباب والاقتصاد المنتج

أكّد النائب رازي الحاج أنّ الشباب لم يعودوا في موقع انتظار المساعدة، بل أصبحوا القاطرة الفعلية للتغيير والنمو، بفضل قدراتهم الابتكارية. وشدد على ضرورة التركيز على المهن ذات القيمة المضافة التي تحرك القطاعات الإنتاجية.

أما نقيب أصحاب المطاعم والمقاهي طوني الرامي فتناول دور السياحة كأحد أعمدة الاقتصاد الوطني، داعياً إلى تحديث التشريعات السياحية وإنشاء مطار متخصص بالحركة السياحية لزيادة جاذبية لبنان.

أجمع المشاركون على أنّ لبنان يقف عند منعطف تاريخي، وأنّ الشباب هم العنصر الحاسم لإعادة بناء الدولة على أسس سليمة. فالدولة بدأت تستعيد قرارها، والاقتصاد بحاجة إلى عقول مبتكرة، والتجارب الناجحة تؤكد أنّ الأمل لا يزال قائماً.
وأكدت مداخلات المؤتمر أنّ الرهان الحقيقي ليس على الخارج، بل على طاقات الشباب اللبناني الذي يمتلك القدرة على تحويل وطنه إلى ساحة إنتاج وابتكار، شرط توافر الإرادة والالتزام الوطني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى