نواف سلام في السرايا: لقاءات دبلوماسية وإنمائية تؤكد على مسار الإصلاح والانفتاح

كتب: هاني سليم

شهدت السرايا الحكومية في بيروت يومًا حافلًا باللقاءات الدبلوماسية والسياسية، عكس الحراك المكثف الذي يقوده رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام منذ توليه مهامه، في محاولة لإعادة وصل ما انقطع بين لبنان والمجتمعين العربي والدولي، وتعزيز الثقة بمسار الإصلاحات الداخلية.
قطر: استمرار الدعم الإنساني والإنمائي
في مستهل لقاءاته، استقبل الرئيس سلام رئيس مجلس إدارة “قطر الخيرية” الشيخ حمد بن ناصر بن جاسم آل ثاني، بحضور سفير دولة قطر في لبنان الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني. وتناول الاجتماع الدور الذي تلعبه المؤسسة القطرية في دعم الشرائح الأكثر حاجة، والمشاريع الاجتماعية والإنسانية التي تنفذها في مختلف المناطق اللبنانية.
هذا اللقاء أتى ليؤكد مجددًا على الحضور القطري المتجدد في لبنان، وهو حضور لم يقتصر على الجانب الإنساني فحسب، بل شمل أيضًا مساندة مبادرات إعادة الإعمار ودعم المؤسسات التربوية والصحية.
ألمانيا: شراكة متينة ودعم للجيش
كما استقبل الرئيس سلام سفير ألمانيا في لبنان، السفير كورت جورج شتوكل-شتيلفريد، حيث تركز البحث على الأوضاع العامة والتعاون الثنائي بين بيروت وبرلين.
السفير الألماني جدّد موقف بلاده الداعم للبنان في مسيرته الإصلاحية، مشددًا على أهمية استمرار المساعدات العسكرية للجيش اللبناني بما يعزز دوره كضامن للاستقرار الداخلي. وفي هذا السياق، شدّد الرئيس سلام على الدور المحوري الذي تلعبه القوات المسلحة في حماية السلم الأهلي، معتبرًا أن أمن لبنان واستقراره شرط أساسي لجذب أي استثمار خارجي أو دعم دولي.
النائب سليمان: الإصلاحات وجذب الاستثمارات
على الصعيد الداخلي، التقى رئيس الحكومة بالنائب محمد سليمان، في جلسة بحثت التطورات السياسية والاقتصادية الراهنة.
سليمان شدّد بعد اللقاء على ضرورة دعم الجهود التي يقودها الرئيس سلام من أجل إعادة لبنان إلى الطريق الصحيح عبر سلسلة إصلاحات عملية من شأنها استعادة الثقة الدولية والعربية، خصوصًا مع الدول الخليجية التي تشكّل رافعة أساسية للاقتصاد اللبناني. وخصّ بالذكر المملكة العربية السعودية كداعم استراتيجي للبنان، مؤكدًا أهمية استعادة العلاقة معها إلى أوجها.
مطار القليعات: مشروع استراتيجي لعكار
ولم يغب الشأن الإنمائي عن لقاءات رئيس الحكومة، إذ أكد سلام خلال لقائه النائب سليمان حرصه على منطقة عكار التي تشكّل خزانًا بشريًا واقتصاديًا مهمًا للبنان. وأشار إلى أنّ مشروع مطار القليعات يتصدر أولويات الخطة الإنمائية للحكومة، موضحًا أن القانون المتعلق به ينتظر إقراره في مجلس النواب قريبًا تمهيدًا للانتقال إلى مرحلة التلزيم.
ويرى مراقبون أن هذا المشروع الحيوي قد يشكل نقطة تحوّل في إنعاش منطقة الشمال، عبر خلق فرص عمل جديدة وتنشيط الحركة التجارية والسياحية، بما يساهم في تخفيف الضغط عن مطار بيروت الدولي.
إشارات انفتاح ورسائل طمأنة
تكشف لقاءات الرئيس نواف سلام المتعددة عن خطوط تواصل مفتوحة مع العواصم العربية والغربية في آن واحد، في مسعى لترميم صورة لبنان وإعادة وضعه على الخريطة الاستثمارية. فالرسائل القطرية والألمانية تحمل دلالات واضحة على استعداد المجتمع الدولي لدعم لبنان، شرط أن ينجح في تنفيذ إصلاحات حقيقية تعيد الثقة بمؤسساته.
أما في الداخل، فيحاول سلام أن يبعث برسالة طمأنة للمناطق المحرومة، وفي مقدمتها عكار، من خلال الدفع نحو مشاريع إنمائية استراتيجية قد تُحدث فارقًا في حياة المواطنين وتعيد بعض الأمل إلى المشهد الوطني.
وبذلك، يبدو أنّ السرايا الحكومية تتحول تدريجيًا إلى منبر دبلوماسي وحلقة وصل بين الداخل والخارج، فيما يراهن اللبنانيون على أن يترجم هذا الحراك المتعدد الاتجاهات إلى خطوات ملموسة تضع البلاد مجددًا على سكة التعافي والاستقرار.