سياسة

مصر تجدد عهد الأخوة مع لبنان: دعم ثابت واستعداد لإعادة الإعمار

في إطار ما تشهده العلاقات المصرية اللبنانية من تطور مستمر وتنسيق رفيع المستوى، استقبل وزير الخارجية والهجرة المصري، السفير بدر عبد العاطي، اليوم الثلاثاء نظيره اللبناني وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي، الذي يزور القاهرة في زيارة رسمية، تعكس حرص البلدين الشقيقين على توطيد أواصر التعاون وتعزيز الشراكة في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية الراهنة.

خلال جلسة المباحثات التي جمعت الوزيرين، عبّر عبد العاطي عن تقديره العميق للعلاقات الأخوية المتينة التي تربط بين مصر ولبنان، مشددًا على أن هذه العلاقات ليست وليدة اللحظة، بل تمتد جذورها إلى عقود من التفاهم المشترك والمواقف الثابتة التي جمعت القاهرة وبيروت في أصعب الظروف. كما أشار الوزير المصري إلى أن مصر تولي أهمية قصوى لاستقرار لبنان، وتقف إلى جانبه بكل ما تملك من إمكانات، إدراكًا منها لحجم التحديات التي يواجهها لبنان، سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا.

وأكد عبد العاطي أن مصر تتابع عن كثب الأوضاع في لبنان، وتعمل بكل جهد لدعم الحكومة اللبنانية ومؤسسات الدولة، إدراكًا لأهمية دورها الحيوي في صون وحدة البلاد وتحقيق تطلعات الشعب اللبناني في الأمن والتنمية. كما شدد على استعداد القاهرة للعمل المشترك مع بيروت على كافة المستويات، بما يعزز استقرار لبنان ويحفظ سيادته الوطنية الكاملة.

وفي سياق متصل، عبّر الوزير المصري عن رغبة القاهرة الجادة في تطوير التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات، لا سيما في الجوانب الاقتصادية والاستثمارية، مشيرًا إلى تطلع مصر لانعقاد اللجنة العليا المشتركة بين مصر ولبنان على مستوى رئيسي الوزراء في العاصمة المصرية قريبًا، باعتبارها منصة استراتيجية لتعزيز التفاهم المشترك ووضع برامج تعاون تنموي واقتصادي تعود بالنفع على البلدين والشعبين.

كما أبدى عبد العاطي استعداد مصر الكامل لتقديم الدعم للبنان في ملف إعادة الإعمار، خاصة في ضوء ما تشهده الساحة اللبنانية من تحديات اقتصادية وبنية تحتية متدهورة جراء الأزمات المتلاحقة. وأكد في هذا السياق أن الشركات المصرية تتمتع بقدرات وخبرات تؤهلها للمشاركة الفعالة في مشروعات إعادة البناء، وهو ما يعكس إيمان القاهرة بأن استقرار لبنان هو جزء لا يتجزأ من استقرار المنطقة بأسرها.

وعلى صعيد آخر، أعرب وزير الخارجية المصري عن إدانة بلاده الواضحة للاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة على الأراضي اللبنانية، مؤكدًا أن مصر ترفض بشكل قاطع أي مساس بسيادة لبنان أو انتهاك لسلامة أراضيه. ودعا عبد العاطي المجتمع الدولي إلى ضرورة تحميل الاحتلال الإسرائيلي مسؤولياته، مطالبًا بضرورة تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية، وسحب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان تنفيذًا دقيقًا وكاملاً لقرار مجلس الأمن رقم 1701، دون انتقائية أو تلكؤ، حفاظًا على سيادة لبنان ووحدته الوطنية.

وخلال المباحثات، لم تغب الملفات الإقليمية الملتهبة عن طاولة النقاش بين الوزيرين؛ حيث استعرض الجانبان تطورات الأوضاع في قطاع غزة، في ظل استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية وتصاعد المعاناة الإنسانية في القطاع المحاصر. وأوضح عبد العاطي أن مصر تبذل جهودًا دبلوماسية مكثفة لاستئناف تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، بما يساهم في تهدئة الأوضاع ميدانيًا، وضمان وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية للمدنيين في غزة دون عوائق.

كما أشار الوزير المصري إلى الدور المصري النشط في دعم الخطة العربية – الإسلامية للتعافي المبكر وإعادة إعمار قطاع غزة، والتي تنطلق من مبدأ أساسي يتمثل في ضمان بقاء الفلسطينيين على أرضهم وعدم تهجيرهم، مشددًا على أن مصر تعمل بالتنسيق مع شركائها الدوليين والأمم المتحدة لترتيب مؤتمر دولي تستضيفه القاهرة، يهدف إلى حشد الموارد وإعادة إعمار ما دمره العدوان الإسرائيلي في غزة، بالتعاون مع السلطة الفلسطينية والجهات المانحة.

وفيما يخص الأزمة السورية، جدد عبد العاطي التأكيد على موقف مصر الثابت والداعم لوحدة وسلامة الأراضي السورية، وضرورة احترام سيادتها واستقلال قرارها الوطني، مؤكدًا أن القاهرة ترى في استقرار سوريا عنصرًا محوريًا لاستقرار المنطقة برمتها، وأن الشعب السوري يستحق الدعم في مواجهة التحديات الإنسانية والاقتصادية التي خلفتها سنوات الحرب الطويلة.

تأتي هذه الزيارة في توقيت بالغ الحساسية، حيث يواجه لبنان والمنطقة العربية تحولات متسارعة على المستويين السياسي والأمني، وتؤكد مجددًا أن القاهرة وبيروت تسعيان معًا لترسيخ منهج الشراكة الاستراتيجية، بعيدًا عن الحسابات الضيقة، ومن أجل تحقيق استقرار إقليمي مستدام، يدعم تطلعات الشعوب العربية نحو مستقبل أكثر أمنًا ورخاءً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى