متمّمات غذائيّة للأطفال منتهية الصلاحية منذ عامين تُباع في الصيدليات
كتبت راجانا حمية في صحيفة الأخبار:
في 13 شباط الماضي، تقدّمت جمعية «كرامة» بإخبار لدى القاضي المنفرد الجزائي في بعبدا الناظر في قضايا جنح الأحداث والأحداث المعرّضين للخطر حول وجود متمّمات غذائية (fresh multiplus وfresh zinc) منتهية الصلاحية منذ عامين، تُباع في صيدليات في جبل لبنان على أنها صالحة حتى 2025.بالصدفة، اكتشف أحد العاملين في الجمعية الأمر عندما كان يشتري fresh multiplus، وهو متمّم غذائي للرضّع. فلدى التأكد من تطابق تاريخ الصلاحية الموضوع على العلبة الخارجية (حتى عام 2025) مع ذلك الموجود على «الحنجور» داخلها، تبيّن عدم وجود تاريخ صلاحية على الأخير. ولاحظ آثار «خربشة خفيفة» تشير إلى محاولة لمحو تاريخ الصلاحية عنه. وبعد التدقيق باستخدام إضاءة الهاتف الخلوي، تبيّن أن المحاولة لم تنجح تماماً وأن تاريخ الصلاحية انتهى في كانون الأول 2022.
في السابع من آذار الماضي، ردّت المحكمة الناظرة في قضايا الأحداث بطلب عنوان الشركة واسم صاحبها وإبراز عدد أكبر من الأدوية التابعة للشركة المذكورة لمقارنة تواريخ الصلاحية المطبوعة على العبوات. وبعد أسبوعٍ من التبليغ، أرسلت الجمعية المعلومات المطلوبة، وتبيّن أن الوكيل شركة fresh pharma international «لا تتبع أسلوب بيع الأدوية للصيدليات مباشرة، بل عبر مستودعات منها new pharm وnew nouvelle pharm والمستودع الطبي للصيادلة pmd». وأرفقت الجمعية مع الملف «كمية من متمم غذائي آخر تبيعه الشركة هو fresh zinc، تبيّن أيضاً لدى معاينة الحنجور الداخلي فيه وجود آثار محاولة فاشلة لمحو تاريخ انتهاء الصلاحية». كما اشترت المحكمة والجمعية كميات أخرى من المنتجين أوصلت إلى النتيجة نفسها!
ولأن محكمة الأحداث غير مخوّلة إصدار قرارات ظنية ولا أحكام لدخول هذا الأمر حصراً ضمن اختصاص النيابة العامة الاستئنافية، اتخذت المحكمة إجراءين، أولهما تحويل القرار إلى النيابة العامة الاستئنافية مع الأدوية المضبوطة، وثانيهما إصدار تدبير مؤقت ومستعجل «لحالة الضرورة» يقضي بمنع شركة fresh pharma من بيع المتمّمين إلى أيّ مستودع أو صيدلية في جبل لبنان تحت طائلة التغريم. وورد في متن قرار المحكمة أن «من شأن استخدام دواء أو متمم منتهي الصلاحية أن يتسبب بتسميم الطفل، ولا سيّما أن مناعة هؤلاء تكون في طور التكوين ما يشكّل خطراً يطاول حقّ الأخير بالحياة». واعتبرت أن ما حدث ارتكب عن سابق تصوّر وتصميم، إذ إن محو تواريخ الصلاحية «شمل عدداً كبيراً من العبوات التي اشترتها المحكمة وجمعية كرامة من صيدليات مختلفة»، ولفتت إلى «المهنية والاحترافية والدقة في محو التواريخ (…) من خلال استعمال آلة شطبٍ تطاول البلاستيك العائد للحنجور بشكلٍ يزيل عنه ما هو مطبوع». غير أن هذا لم ينجح في كل العبوات، حيث كان «بالإمكان في عبواتٍ أخرى استعمال الضوء وقراءة التواريخ».
قرار احترازي لنقابة الصيادلة بسحب المتممات ولا تحرّك للوزارة
المدير التنفيذي لشركة fresh pharma، جو الدبس، رفض التعليق وقال لـ«الأخبار» إن القضية «باتت في عهدة المحامي»، فيما قالت مصادر في الإدارة إن الشركة ستتقدّم أمام النيابة العامة الاستئنافية بشكوى مماثلة، مشيرة إلى أن «آخر طبخة من المتمّمَين المستخدمَين والعائدة لعام 2022 بعناها في تموز من العام نفسه قبل خمسة أشهر من انتهاء صلاحيتها». ولدى السؤال لمن بيعت؟ أجابت المصادر بأن الشاري كان «إحدى الصيدليات، ويبدو أنها لم تستطع تصريفها، فباعتها إلى عدد من المستودعات الصغيرة التي سلّمتها بدورها إلى عدد من الصيدليات». وتؤكد المصادر أن «سوء التخزين في المستودع أو الصيدلية ليس من مسؤولية الشركة». هكذا، رمت الشركة الحمل عنها بردّه أولاً إلى فواتير تقول إنها ستقدمها إلى المحكمة تثبت أنها باعت آخر «طبخات» 2022 في تموز من العام نفسه، وثانياً إلى سوء التخزين، وثالثاً إلى «تشويه السمعة» الذي تقوم به أطراف تعمل في «الكار» نفسه. غير أنه قبل صدور القرار النهائي عن النيابة العامة، يدور «الجرم» بين ثلاثة: الوكيل والمستودعات والصيدلية أو الصيدليات التي وزعت. ثمة مذنب بين هؤلاء الثلاثة استغفل القانون واسترخص حياة الناس من أجل الكسب المادي. وحتى اللحظة، الثلاثة مدانون ما لم يثبت العكس.
أمس، فيما اتخذت نقابة صيادلة لبنان قراراً «منفرداً» – كتدبيرٍ احترازي – طلبت بموجبه من الصيادلة على كامل الأراضي اللبنانية، وليس فقط صيدليات جبل لبنان، الإمتناع عن صرف هذه المستحضرات ووضعها في مكانٍ جانبي في الصيدلية (…) إلى حين صدور قرار عن وزارة الصحة بخصوص هذا المنتج. وحتى يوم أمس، لم يصدر أي تعليق عن وزارة الصحة، صاحبة القرار في التعميم على الصيدليات بمنع التداول بهذين الصنفين إلى حين انتهاء التحقيقات. علماً أنها المسؤولة الأولى والأخيرة عن الترخيص للمستحضرات والمتمّمات الغذائية. وبعد هذه الحادثة، باتت هناك حاجة ملحّة لفتح هذا الملف الذي أصبح باباً لتجارة مربحة على حساب صحة الناس.