وليد جنبلاط يُدين الغارات الإسرائيلية على سوريا ويدعو لدعم دمشق في بناء دولتها

كتبت ماريان مكاريوس
في تطوّر سياسي لافت يعكس قراءة جديدة للمشهد الإقليمي، أصدر الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي في لبنان، وليد جنبلاط، بيانًا دان فيه الاعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة على الأراضي السورية، معتبرًا أنها تمثل انتهاكًا صارخًا للسيادة السورية وتقوّض الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى حل سياسي شامل للأزمة المستمرة منذ أكثر من عقد.
وجاء في البيان، الذي صدر عقب غارات جوية إسرائيلية عنيفة استهدفت محيط العاصمة دمشق ومناطق أخرى ليل الجمعة-السبت، أن “الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على سوريا لا تساعد على استكمال الحل السياسي الذي نعمل عليه مع الرئيس السوري أحمد الشرع
واعتبر جنبلاط أن هذا “الخرق المتمادي للسيادة السورية” يهدّد الأمن والاستقرار في المنطقة برمتها، داعيًا الدول العربية والمجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياتهم الأخلاقية والسياسية والوقوف إلى جانب الشعب السوري، من أجل تمكينه من بناء دولته الجديدة وحماية أمنه الوطني.
أثار البيان اهتمام الأوساط السياسية والإعلامية في لبنان وخارجه، إذ يُعدّ تحوّلاً ملحوظًا في خطاب وليد جنبلاط تجاه الدولة السورية، لاسيما بعد سنوات من التوتر السياسي بينه وبين النظام السوري، خصوصًا منذ انسحاب الجيش السوري من لبنان عام 2005 وما تلاه من تطورات.
الإشارة إلى الرئيس السوري الحالي “أحمد الشرع”، في سياق الحديث عن “العمل المشترك” من أجل تسوية سياسية، تحمل في طيّاتها نوعًا من الاعتراف الضمني بشرعية السلطات السورية القائمة حاليًا، أو على الأقل إقرارًا بضرورة الحوار معها. وهو ما يراه مراقبون رسالة سياسية مزدوجة من جهة تعكس التحول الواقعي في مواقف بعض القيادات اللبنانية، ومن جهة أخرى تأتي في سياق إقليمي يتّجه تدريجيًا نحو إعادة فتح القنوات مع دمشق.
تأتي تصريحات جنبلاط في ظل تصاعد التوترات في المنطقة، حيث كثّفت إسرائيل من غاراتها داخل الأراضي السورية، مستهدفة مواقع قالت إنها مرتبطة بإيران أو حزب الله. في المقابل، شدّدت دمشق، عبر بياناتها الرسمية، على حقها في الدفاع عن سيادتها، مطالبة الأمم المتحدة بوقف هذه الانتهاكات.
ويبدو أن جنبلاط يقرأ جيدًا التحولات في التوازنات الإقليمية، ويرى في إعادة تموضع موقفه تجاه دمشق خطوة ضرورية في المرحلة المقبلة، خاصة مع الانفتاح العربي على سوريا وعودتها إلى الجامعة العربية.
ولم يكتف جنبلاط بإدانة الغارات، بل دعا صراحةً إلى “توفير كلّ الدعم لسوريا والوقوف إلى جانبها لتتمكّن من بناء دولتها الجديدة”، وهي دعوة قد تلقى صدىً في بعض الأوساط العربية، خاصة تلك التي بدأت في تطبيع علاقاتها مع دمشق مؤخرًا.
كما شدّد على ضرورة “الضغط على العدو الإسرائيلي لوقف تدخّله السّافر وخرقه الجوي والبري واحتلاله لأجزاء من الأرض السورية”، مشيرًا إلى أن هذه السياسات العدوانية تعرقل أي أمل بإحلال السلام.
إن بيان وليد جنبلاط ليس مجرد رد فعل على غارة جوية، بل هو رسالة سياسية واضحة تعبّر عن إعادة تقييم موقع لبنان في الخارطة الإقليمية، وموقف الطائفة الدرزية التي يمثلها إلى حدّ بعيد من القضايا الكبرى، وفي مقدمتها القضية السورية.
وفي ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية، وتصاعد الدعوات لتفعيل المسار الدبلوماسي العربي، تبدو مواقف جنبلاط مؤشرًا إلى تحولات أوسع قد يشهدها المشهد اللبناني والسوري خلال الأشهر القادمة.