سياسة

فادي كرم: لا دولة مع سلاح خارجها… وإما الحسم وإما الفوضى

أعاد النائب اللبناني فادي كرم فتح ملف من أخطر الملفات التي تهدد الكيان اللبناني، وهو ملف التعايش المستحيل بين الدولة الشرعية من جهة، والتنظيمات المسلحة الخارجة عن إطارها من جهة أخرى. ففي تغريدة نشرها عبر منصة “إكس”، شدد كرم على أن “التعايش بين القانون واللاقانون مستحيل، والتعايش بين الدولة ومنظمات مُسلّحة غير ممكن، كما أنه لا يمكن التوفيق بين شعب يؤمن بالوطن وبالقوانين وبين مجموعات أيديولوجية لا تؤمن بالوطن ولا بالشراكة والانتظام العام”.

هذه العبارات المقتضبة تختصر جوهر الأزمة اللبنانية التي تراكمت على مدى عقود، حيث ظل السلاح غير الشرعي مصدر خلل أساسي في بناء الدولة، ومعيقًا لأي محاولة لإقامة نظام مؤسساتي عادل وفعّال.

ما أشار إليه كرم ليس مجرد توصيف سياسي، بل هو حقيقة ملموسة يعيشها اللبنانيون يوميًا. فوجود منظمات مسلحة، مهما كانت شعاراتها أو أهدافها، يعني عمليًا وجود سلطة موازية تنازع الدولة قرارها السيادي وتتحكم بمسار مؤسساتها. هذه الازدواجية ولّدت حالة من اللاثقة بين المواطن والدولة، وأضعفت قدرة الأخيرة على فرض هيبتها وتطبيق القانون على الجميع من دون استثناء.

يلفت كرم أيضًا إلى البُعد الأيديولوجي في المشكلة، حيث أن جزءًا من هذه التنظيمات لا يعترف بلبنان كوطن نهائي ولا يؤمن بمبدأ الشراكة الوطنية، بل يتعامل مع الدولة على أنها مجرد أداة أو مساحة نفوذ. هنا تكمن خطورة أكبر، لأن الصراع يتجاوز مسألة السلاح ليصل إلى جوهر الهوية والكيان والدستور.

الرسالة الأكثر وضوحًا في تصريح كرم تكمن في المعادلة الحاسمة: “إما أن تحسم الدولة أمرها وتكون دولة، وإما تنهشها العصابات والخارجون عن القانون”. فغياب الحسم وترك الساحة مفتوحة أمام الميليشيات والجماعات المسلحة يعني عمليًا انهيار الدولة كمفهوم، وتفكك المؤسسات، وتحول لبنان إلى ساحة صراعات لا نهاية لها.

ما يحتاجه لبنان اليوم، بحسب ما يوحي كلام كرم، هو قرار وطني جامع يضع حدًا نهائيًا لهذه الازدواجية، عبر تعزيز الجيش والقوى الأمنية لتكون المرجعية الوحيدة الحامية للبنان. كما أن إعادة الاعتبار لمفهوم الدولة العادلة والقادرة، هو السبيل الوحيد لاستعادة ثقة الشعب ووقف نزيف الهجرة واليأس.

كلام النائب فادي كرم يضع الإصبع على الجرح العميق الذي يعاني منه لبنان. فلا إصلاح سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي ممكن في ظل غياب الدولة القوية الواحدة، ولا مستقبل للبنان إذا استمرت المعادلة المختلة التي تسمح بسلاح خارج الشرعية. فإما أن يحسم اللبنانيون خيارهم لصالح الدولة والقانون، وإما أن يظل البلد أسير الفوضى والعصابات إلى أجل غير معلوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى