عيد الفطر في لبنان بين الحزن والأمل

كتبت: ماريان مكاريوس
يستقبل اللبنانيون عيد الفطر هذا العام وسط أجواء يغلب عليها الحزن والتوتر، حيث تستمر الخروقات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار في جنوب لبنان وشرق البلاد، وتحديدًا في منطقتي البقاع وبعلبك-الهرمل. وبينما يرى البعض أن العيد فرصة لإسعاد الأطفال، يعتبره آخرون مجرد يوم عادي وسط الألم والفقدان. أما في شمال لبنان، فتزيد الأزمة الاقتصادية من معاناة الأهالي، إذ يشكون من الغلاء الفاحش واستغلال التجار، ومع ذلك يصرون على تحضير حلويات العيد للحفاظ على ما تبقى من فرحة المناسبة.
معاناة أهل الجنوب: عيد وسط الدمار والخوف
لا يزال الجنوبيون يعيشون تحت وطأة القلق نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة، رغم دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في 27 نوفمبر 2024. ويشعر العديد من سكان الجنوب بأن العيد تحول إلى مناسبة تجدد فيها الأحزان، خاصة بعدما حُرموا من العودة إلى قراهم الحدودية لقضاء العيد.
يقول عاطف سليمان، من بلدة كفركلا الحدودية: “كان العيد يعني لنا العودة إلى بلدتنا، لكن منازلنا دُمّرت ولم يعد لدينا مكان نحتفل فيه. خسرت مهنتي، وأصبحت أعمل بالأجر اليومي، حتى أنني أنتظر مساعدة مالية بسيطة لأشتري ثياب العيد لابنتي”.
أما نسرين كريّم، من بلدة حومين الفوقا، فتعبّر عن إحساسها بالخوف والقلق قائلة: “حتى لو قررنا الخروج في العيد، فإن التحرك خارج البلدة خطير بسبب الاعتداءات الإسرائيلية. العيد فقد معناه الحقيقي بالنسبة لنا”.
أوضاع مأساوية في البقاع: العيد يتحول إلى محطة حزن
في بلدة الخضر بمحافظة بعلبك-الهرمل، ترفض الحاجة هدوة حمزة شراء ثياب العيد لطفلتها قائلة: “كيف نفرح وكل من حولنا يعيش في الحزن بسبب فقدان أحبائهم؟ نعيش في بلدة واحدة، ونتشارك الأفراح والأحزان. أعلم أن العيد للأطفال، لكن عليها أن تتفهم الواقع”. وتشير بحزن إلى أن أهالي البلدة يجتمعون لتحضير كعك العيد، ليس للفرح، بل لتقديمه في المقابر وفي منازل العائلات التي فقدت أبناءها.
الشمال اللبناني: أزمة اقتصادية تخنق العيد
في طرابلس، أكبر مدن الشمال اللبناني، يعاني الأهالي من الأوضاع الاقتصادية الصعبة. يقول خالد أرندون، وهو يعمل في متجر للملابس: “يأتي الآباء مع أطفالهم لشراء ملابس العيد، لكنهم يطلبون من البائع مراعاتهم لأن قدرتهم الشرائية ضعيفة جدًا”. ويضيف أنه اضطر إلى انتظار تحويل مالي من أولاده المغتربين لشراء ثياب العيد لابنته، لأن راتبه لا يكفي لتغطية الاحتياجات الأساسية.
بين الإصرار على الفرح والاستسلام للحزن
رغم كل هذه التحديات، هناك من يصرّ على الاحتفال بالعيد، ولو بوسائل بسيطة. نوح عواضة، من سكان الضاحية الجنوبية لبيروت، يؤكد أنه جهّز ثياب العيد لأولاد شقيقته وسيصطحبهم إلى مدينة الملاهي. يقول: “نشعر بالحزن لما يحدث في الجنوب، لكن لا يمكن أن نستسلم للحزن تمامًا. علينا التمسك بالحياة والفرح، لأن الاستمرار في الحياة هو بحد ذاته مقاومة”.
في المقابل، يختار آخرون التعبير عن تضامنهم مع المتضررين من الحرب بدلاً من الاحتفال. الصياد أحمد سليم، من بلدة الصرفند جنوب لبنان، قرر عدم شراء ملابس جديدة لأطفاله، قائلاً: “أفضل أن أتبرع بهذه الأموال للعائلات النازحة والأطفال الأيتام. كبر أطفالنا قبل أوانهم بسبب الحرب، وأصبحوا يفهمون أننا لا نستطيع اصطحابهم إلى أماكن اللعب أو الاحتفال كما في السابق”.
عيد استثنائي في ظروف استثنائية
عيد الفطر هذا العام في لبنان ليس كغيره من الأعياد. فبينما يسعى البعض للحفاظ على تقاليد الفرح، تغلب مشاعر الحزن والقلق على أجواء البلاد. يبقى الأمل أن تنجلي هذه الظروف الصعبة، ليعود العيد ببهجته الحقيقية لكل اللبنانيين.