سليمان: الاستراتيجية الدفاعية تغيّرت وضرورة لإعادة ضبط الأولويات الوطنية

كتب: هاني سليم

في تصريح لافت يعكس تطورات المرحلة وتداعيات السياسات الإقليمية على الداخل اللبناني، شدد الرئيس العماد ميشال سليمان على أن مفهوم الاستراتيجية الدفاعية في لبنان لم يعد كما كان، بل شهد تحولًا جذريًا نتيجة خروقات مبدئية ووطنية، أبرزها انتهاك مبدأ تحييد لبنان الذي أُقرّ بالإجماع في “وثيقة إعلان بعبدا”.
وأشار سليمان إلى أن هذا الانتهاك حصل مع اتخاذ قرار منفرد بالدخول في ما وصفه بـ”حرب الإسناد”، دون إجماع وطني أو مؤسساتي، الأمر الذي أدى إلى تداعيات كارثية على البلاد، سواء على صعيد الخسائر البشرية، من قتلى وجرحى وإعاقات، أو على مستوى الدمار الواسع الذي طال البنية التحتية والمجتمع اللبناني.
وأضاف أن هذه الوقائع المستجدة، إلى جانب الانتشار الكامل للجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني، وما تلاه من تفكيك للمنشآت العسكرية التابعة لحزب الله في تلك المنطقة، فرضت واقعًا جديدًا في ما يتعلق بمفهوم الدفاع الوطني، لم يعد من الممكن تجاهله أو القفز فوقه.
تحوّل في الرؤية الدفاعية
وأوضح الرئيس سليمان أن الاستراتيجية الدفاعية، كما كانت تُطرح في الحوارات الوطنية، باتت اليوم تقتصر على تحديد جداول زمنية واضحة لتسليم السلاح غير الشرعي إلى الدولة، في إشارة إلى سلاح حزب الله. أما الرؤية الأشمل للأمن القومي والدفاع الوطني، فأصبحت من مسؤولية الجيش اللبناني، الذي يمتلك الشرعية والمؤهلات لوضعها وتنفيذها ضمن إطار المجلس الأعلى للدفاع، بعيدًا عن الطروحات السياسية أو التوافقات الظرفية.
الحوار الوطني: ضرورة لا بديل عنها
ورغم موقفه الحازم في ما يخص تنظيم السلاح وحصر القرار الأمني بيد الدولة، أكد سليمان في الوقت نفسه على أهمية وضرورة الحوار الوطني، خاصة في بلد كلبنان يتميز بتعدديته الطائفية والسياسية. واعتبر أن الحوار هو السبيل الأنجع للمضي قدمًا في تطبيق الدستور، والحفاظ على ما سماه “الشرعية الميثاقية”، التي وردت بوضوح في البند “ي” من مقدمة الدستور اللبناني، والذي ينص على الشراكة الحقيقية بين مكونات الوطن.
ورأى أن الحوار يجب أن يُستكمل، لا بهدف تقاسم السلطات أو التفاوض على موازين القوى، بل من أجل دعم السلطات الدستورية في أداء مهامها، والمساهمة في النهوض بالدولة ومؤسساتها، وتطبيق السياسة العامة التي يفترض أن تنبع من مصلحة المواطن والدستور لا من حسابات إقليمية أو خارجية.
في خلفية التصريح
تصريحات الرئيس سليمان تأتي في توقيت حساس تشهده الساحة اللبنانية، في ظل استمرار الانقسام الداخلي حول ملف سلاح حزب الله، وتزايد الدعوات الدولية لتطبيق قرارات مجلس الأمن، لا سيما القرار 1701، الذي ينص على حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية وانتشار الجيش اللبناني جنوب الليطاني.
كما تتزامن مع استمرار حالة الشلل السياسي على أكثر من مستوى، سواء في ما يخص انتخاب رئيس جديد للجمهورية أو تنفيذ إصلاحات اقتصادية ومالية باتت شرطًا أساسيًا للحصول على الدعم الدولي. وفي ظل هذا الواقع، يبدو أن سليمان يعيد طرح مبدأ “تحييد لبنان” كمدخل إنقاذي لإخراج البلاد من حالة التآكل المستمر التي تعيشها.