سياسة

اللواء حسان عوده يقدّم للرئيس عون كتابه الجديد حول تقاطع المحاور الإقليمية

في خطوة تحمل دلالات فكرية وعسكرية في آن، قدّم رئيس الأركان العامة في الجيش اللبناني، اللواء الركن حسان عوده، إلى رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، نسخة من مؤلَّفه الجديد الصادر عن دار النهار للنشر بعنوان:
“انهيار الحدود وصعود المحاور: تقاطع المصالح الروسية – التركية – الإيرانية في الشرق الأوسط”.

الكتاب، الذي حظي باهتمام الأوساط الأكاديمية والسياسية، يأتي في مرحلة حساسة تمرّ بها المنطقة، حيث تتقاطع الأزمات الأمنية والسياسية مع تحولات كبرى في موازين القوى الدولية. وقد أراد اللواء عوده من خلال عمله أن يقدّم قراءة معمّقة للتطورات المتسارعة في الشرق الأوسط، مسلّطًا الضوء على الدور المتنامي لكل من روسيا وتركيا وإيران، وكيفية تشابك مصالحها وصدامها أحيانًا على رقعة إقليمية تتّسم بالهشاشة والتعقيد.

يركّز الكتاب على مفهوم “انهيار الحدود” ليس بمعناه الجغرافي فقط، بل بما يحمله من دلالات سياسية وأمنية وثقافية، حيث لم تعد الدول وحدها هي الفاعل الوحيد، بل برزت محاور إقليمية متشابكة تتجاوز حدود السيادة التقليدية. هذه المحاور – وفق رؤية المؤلف – تعيد صياغة قواعد الاشتباك، وتفرض أنماطًا جديدة من التحالفات التي قد تكون متناقضة في مكان ومتكاملة في مكان آخر.

أما “صعود المحاور” فيتناول كيفية تبلور القوى الثلاث، الروسية والتركية والإيرانية، كلاعبين رئيسيين يسعون إلى فرض رؤيتهم الخاصة لمستقبل المنطقة، سواء عبر التدخل العسكري المباشر، أو من خلال النفوذ الاقتصادي والسياسي، أو عبر أدوات الحرب الناعمة والديبلوماسية.

يضع اللواء عوده القارئ أمام لوحة متكاملة من الوقائع والتحليلات، مستعرضًا الحروب في سوريا والعراق واليمن، والتوترات في شرق المتوسط والقوقاز، وموقع لبنان ضمن هذه الدوامة. كما يبيّن كيف أنّ انكفاء بعض القوى الدولية التقليدية، مثل الولايات المتحدة في مراحل معينة، فتح المجال واسعًا أمام موسكو وأنقرة وطهران لتثبيت حضورها بطرق مبتكرة، ما جعل المنطقة أشبه بساحة مفتوحة لتقاطع المصالح والمنافسات.

لا يقتصر الكتاب على التحليل السياسي فحسب، بل يقدّم أيضًا مقاربة عسكرية وأمنية تستند إلى خبرة المؤلف كضابط رفيع في الجيش اللبناني، ما يضفي على محتواه قيمة إضافية ويجعله مرجعًا للباحثين وصنّاع القرار. كما أنّ تقديم هذا العمل إلى رئيس الجمهورية يعكس حرص المؤسسة العسكرية على المساهمة في النقاش الفكري والوطني حول التحديات التي تواجه لبنان والمنطقة.

إنّ كتاب اللواء حسان عوده “انهيار الحدود وصعود المحاور” ليس مجرد مؤلف بحثي، بل هو محاولة جادة لفهم خريطة جديدة تتشكّل أمام أعيننا في الشرق الأوسط، خريطة تتقاطع فيها المصالح وتتداخل فيها النزاعات، وتطرح على لبنان أسئلة كبرى حول موقعه ودوره وكيفية تحصين نفسه وسط هذا الإعصار الإقليمي والدولي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى