الرئيس عون: القرار اتُّخذ … السلاح فقط بيد الدولة

كتب : هاني سليم

أكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في حديثه الأخير أن القرار الذي اتخذته الدولة اللبنانية حول “حصر السلاح بيدها” هو قرار نهائي ولا رجعة فيه. في تصريحاته خلال لقائه وفدًا من مجلس الشيوخ الفرنسي، شدد عون على أن هذا القرار يأتي في إطار تعزيز سيادة الدولة اللبنانية ووحدتها، خاصة في ظل الظروف الدقيقة التي يعيشها لبنان والمنطقة. وأضاف أن خطوة “الانسحاب الإسرائيلي من التلال الخمس” تمثل ضرورة ملحة تساهم في تسريع استكمال انتشار الجيش اللبناني على كامل الحدود، ليضطلع الجيش بمسؤولية الحفاظ على الأمن الداخلي وضبط الحدود من جميع التهديدات.
أهمية الانسحاب الإسرائيلي في تعزيز الاستقرار الوطني
اعتبر الرئيس عون أن انسحاب إسرائيل من التلال الخمس خطوة ضرورية ومهمة للمضي قدمًا في تعزيز دور الجيش اللبناني على الحدود. ويأتي ذلك في وقت يتزايد فيه الحديث عن أحقية لبنان في استكمال انتشار قواته المسلحة على الحدود، ليكون الجيش هو الحامي الوحيد للحدود اللبنانية، ومانعًا لأي شكل من أشكال التهريب أو التسلل. وأوضح أن الجيش اللبناني قد نشر بالفعل على الحدود الشمالية الشرقية، حيث يقوم بمهامه في مكافحة الإرهاب والتهريب وحفظ الأمن الداخلي بشكل كامل.
وشدد على أن عملية تعزيز سيطرة الدولة على الحدود هي جزء من خطة واسعة تهدف إلى استعادة الدولة لهيبتها وسلطتها على جميع الأراضي اللبنانية، بما في ذلك تأكيد انفرادها بحمل السلاح، وهو ما يعتبر خطوة أساسية نحو تعزيز سيادة لبنان في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
قرار حصر السلاح بيد الدولة: خطوة نحو بناء الدولة القوية
في حديثه عن السلاح وملكية القوة العسكرية، أكد رئيس الجمهورية أن قرار “حصر السلاح بيد الدولة” ليس مجرد شعار، بل هو سياسة تتطلب الجدية في التنفيذ لضمان استقرار لبنان. وأضاف أن هذا القرار يضع حدًا لأي محاولات للخروج عن سلطة الدولة أو العودة إلى ممارسات الحرب والفوضى التي عانى منها لبنان في مراحل سابقة. ومن خلال ذلك، يؤكد عون على أنه لن يكون هناك مكان لأي طرف سياسي أو مسلح خارج إطار الدولة اللبنانية الذي يمكنه السيطرة أو تهديد أمنها، مؤكداً أنه “لا عودة إلى لغة الحرب”.
ويعتبر هذا التصريح مؤشرًا على رغبة لبنان في تجاوز مرحلة الفوضى التي عاشها على مدار العقود الماضية، والاتجاه نحو بناء مؤسسات قوية وفاعلة تستطيع تحقيق الاستقرار وتحسين أوضاع المواطنين في مختلف القطاعات.
الإصلاحات: حاجة لبنانية قبل أن تكون مطلبًا خارجيًا
وأشار عون إلى أن الإصلاحات التي بدأت الدولة اللبنانية في تنفيذها تمثل حاجة أساسية للبنان قبل أن تكون استجابة لمطالب دولية. ورغم الضغوطات الخارجية التي يدفع لبنان نحو تنفيذ مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية والسياسية، إلا أن رئيس الجمهورية أكد أن هذه الإصلاحات تهدف أولًا وأخيرًا إلى تحسين الأوضاع الداخلية وخدمة المواطن اللبناني.
واعتبر أن مكافحة الفساد تشكل جزءًا محوريًا من هذه الإصلاحات، موضحًا أن الفساد لا يعد مجرد عائق أمام التنمية الاقتصادية، بل يشكل تهديدًا حقيقيًا لاستقرار الدولة. وقال إن الإصلاحات الاقتصادية والإدارية في القطاعات المختلفة ستساعد في استعادة الثقة بين المواطن والدولة، وتعزز من قدرة الدولة على تلبية احتياجات المواطنين على جميع الأصعدة.
الملفات اللبنانية – السورية: لجان مشتركة لمعالجة القضايا العالقة
فيما يتعلق بالعلاقات اللبنانية – السورية، أعلن رئيس الجمهورية عن تشكيل لجان مشتركة لبنانية – سورية لمناقشة الملفات العالقة بين البلدين، ومنها ترسيم الحدود البرية والبحرية. ويأتي هذا الإعلان في وقت يشهد فيه لبنان العديد من التحديات على الصعيدين السياسي والاقتصادي، وفي وقت تواصل فيه سوريا مواجهة ضغوطات داخلية وخارجية.
وأشار عون إلى أن موضوع النازحين السوريين في لبنان لا يزال يمثل أولوية في الحوارات المستقبلية، وأن معالجة أوضاع هؤلاء النازحين تتطلب تنسيقًا مشتركًا مع الحكومة السورية، وخاصة أن جزءًا كبيرًا منهم موجود في لبنان لأسباب اقتصادية وليست إنسانية، وهو ما يستدعي حلًا شاملًا يعالج هذه الأزمة من جذورها.
الانتخابات البلدية: تأكيد على عملية ديمقراطية شفافة
وعن الانتخابات البلدية التي تترقبها البلاد في الفترة المقبلة، أكد عون أن الانتخابات ستُجرى في موعدها المحدد، وأن الدولة ستتخذ كافة الإجراءات اللازمة لتأمين العملية الانتخابية على الصعيدين الأمني والإداري. وأوضح أن دور الدولة يقتصر على تنظيم العملية الانتخابية وضمان سلامتها، بينما يبقى للمواطن اللبناني الحرية التامة في اختيار من يمثله في المجالس البلدية والاختيارية.
وقال عون إن الانتخابات البلدية هي استحقاق ديمقراطي بامتياز، وهي فرصة للمواطنين للتعبير عن إرادتهم واختيار ممثليهم المحليين، بما يساهم في تعزيز التجربة الديمقراطية اللبنانية وتطوير الأداء الحكومي في المناطق.
إعادة بناء الثقة في الدولة: الهدف الأساسي
وختم الرئيس عون حديثه بالحديث عن هدف أساسي يسعى إلى تحقيقه خلال فترة ولايته: “بناء دولة قوية وموحدة”. وأكد أن هذا الهدف ليس محصورًا في الجوانب الأمنية والعسكرية فحسب، بل يشمل جميع جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية. ولفت إلى أن كل الخطوات التي تتخذها الحكومة اللبنانية هي في سبيل إعادة الثقة في مؤسسات الدولة على المستويين الداخلي والخارجي.
وقال إن التحديات التي يواجهها لبنان هي تحديات كبيرة، ولكن مع تضافر الجهود المحلية والدولية، يمكن التغلب على هذه الصعوبات وتحقيق مستقبل أفضل للبنان وشعبه.