سياسة

هل تنجح الحكومة اللبنانية الجديدة في إخراج البلاد من اللائحة الرمادية؟

وضعت الحكومة اللبنانية الجديدة نفسها أمام تحدٍّ كبير لمعالجة الأسباب التي أدّت إلى إدراج لبنان على اللائحة الرمادية من قبل مجموعة العمل المالي (FATF). وفي هذا السياق، شكّل وزير العدل اللبناني، عادل نصّار، لجنة قانونية مكلّفة بتنفيذ الإجراءات التصحيحية المطلوبة من وزارة العدل وفق الخطة الموضوعة من قبل المجموعة الدولية، بهدف إزالة لبنان من هذه اللائحة.

تتكوّن اللجنة من المحامي كريم ضاهر رئيساً، وعضوية كل من القاضية رنا عاكوم، القاضي السابق جان طنوس، والمحامييْن لارا سعادة ومحمد مغبط، إضافةً إلى السيد محمد الفحيلي. وقد كلّفها الوزير نصّار بإنجاز مهامها خلال مهلة 45 يوماً دون تحميل وزارة العدل أي نفقات إضافية.

وبحسب مصدر مطّلع، تركز اللجنة على ثلاث مهام رئيسية:

  1. اقتراح تعديلات قانونية تتماشى مع متطلبات صندوق النقد الدولي، لتعزيز الشفافية المالية المرتبطة بالشركات والأفراد.
  2. مراقبة المؤسسات المالية غير القانونية، مثل “القرض الحسن”، وإلزامها بالامتثال للإجراءات المالية الرسمية.
  3. وضع إطار قانوني لمواجهة أزمة الاقتصاد النقدي، بهدف استعادة الثقة في القطاع المصرفي وضمان حقوق المودعين.

وأكد المصدر أن عمل اللجنة يمثل خطوة أولى نحو تأسيس بيئة قانونية متينة، من شأنها إخراج لبنان من اللائحة الرمادية، ومنع تكرار الأزمات المالية والاقتصادية مستقبلاً.

وكانت مجموعة العمل المالي (FATF) قد أعلنت في 25 أكتوبر 2024 إدراج لبنان على اللائحة الرمادية، مشيرةً إلى ضعف الإجراءات الحكومية في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وفي هذا الإطار، رأى الخبير المالي والاقتصادي، الدكتور محمود جباعي، أن تشكيل اللجنة القانونية خطوة إيجابية، لكنها غير كافية ما لم تترافق مع إصلاحات مالية وإدارية جذرية. واعتبر أن معالجة هذه الأزمة تتطلب تنفيذ الإصلاحات التي حدّدتها المجموعة المالية الدولية، بما في ذلك الإجراءات القانونية، التي ينبغي إنجازها قبل يناير 2026.

وأشار جباعي إلى أن الأزمة في لبنان تتجاوز الانهيار المالي والاقتصادي، إذ تشمل أيضاً التهرب الجمركي، التهريب غير الشرعي، الفساد المالي، والاقتصاد النقدي، وهي عوامل تعقّد الوضع وتعرقل الحلول.

وكانت حكومة تصريف الأعمال السابقة قد فشلت في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة بسبب الأزمات السياسية وتداعيات الحرب الإسرائيلية على لبنان. بالمقابل، تعهّدت حكومة الرئيس نواف سلام، في بيانها الوزاري، بوضع برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي لمعالجة التعثر المالي، خفض المديونية العامة، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي وفق المعايير الدولية، مع ضمان حقوق المودعين.

وشدّد جباعي على ضرورة التزام الدولة اللبنانية بتعهداتها أمام المجتمع الدولي، مشيراً إلى أن مصرف لبنان والمصارف التجارية تبذل جهوداً لسحب السيولة النقدية من الأسواق والتأكد من مصادر الأموال. لكنه لفت إلى أن الدولة لا تقوم بدورها كاملاً، خصوصاً في ضبط الحدود ومكافحة التهريب والحد من التهرب الجمركي.

وأشاد بالخطوة التي اتخذها وزير المال، ياسين جابر، مؤخراً، من خلال تزويد نقاط الجمارك بأجهزة كشف متطورة لمراقبة حركة البضائع بدقة، معتبراً أنها خطوة إيجابية، لكنها بحاجة إلى تكامل مع إجراءات أخرى لضمان نجاح الخطة الإصلاحية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى